منذ أن نالت شرف تنظيم كأس العالم قطر 2020 ، ودولة قطر تتعرض إلى الكثير من الإتهامات حول أحقية هذا البلد الآسيوي الصغير في تنظيم أكبر تظاهرة كروية على مستوى العالم، حيث كانت البداية بالتشكيك في نزاهة التصويت وإتهام رئيس الفيفا السابق "بلاتر" لدولة قطر بالتدخل السياسي في ملفها واستغلال النفوذ وذلك بإقحام الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في الملف، والذي حسب السويسري ضغط على عضو اللجنة التنفيذية بلاتيني وعدة شخصيات رياضية وإجبارها على التصويت لصالح ملف قطر بدلا من الولايات المتحدة الأمريكية مقابل مدفوعات ورشاوي، وصولا إلى اتهام قطر بخرق القانون الدولي للعمل واستغلال عمال آسيويين في بناء المنشآت الرياضية بمبالغ زهيدة دون مراعاة شروط سلامتهم وضمان حقوق التأمين.
ورغم كل هذه الضغوطات إلا أن دولة قطر لم تكترث للمؤامرات التي أحيكت ضدها، واصفة إياه بادعاءات لا أساس لها من الصحة، وواصلت جهودها على قدم وساق لتقديم صورة ساطعة تذهل العالم بأسره، لذلك قطر اليوم أمام تحديين، التحدي الأول يكمن في إسكات جميع الأبواق التي هاجمت ملفها ومحاولة إثبات ذاتها، فيما يكمن التحدي الثاني في تشريف العالم العربي والمنطقة بتقديم نسخة ناجحة على كل المقاييس وترك صدى إيجابي، كما وعد به أمير قطر، ومسؤولي اللجنة العليا للمشاريع والإرث.
مــــــلاعــــب عالية الجودة
طبيعة الملاعب التي انشأتها الدوحة لطالما كانت حديث الصحافة العالمية، التي أعجبت بالفكرة وطريقة تجسيدها كونها استثنائية ولم يسبق وان ترجمت على أرض الواقع، فقطر ابتعدت عن التصميم التقليدي المألوف و اعتمدت إنشاء تحف هندسية عملاقة عكست جانبا من الثقافة المشرقية، وواكبت التطور التكنولوجي على شكل سلسلة مترابطة ومتقاربة جغرافيا، حيث سيكون " ملعب راس أبو عبود" أول ملعب قابل للتفكيك بالكامل نظرا لإنشائه باستخدام مواد قابلة للتفكيك،
كما سيكون "ملعب البيت في الخور" أحد الملاعب الخارقة كون فكرة تصميمه مستوحاة من شكل بيت الشعر العربي القديم، مدعوم بمسطحات مائية ومرافق عائلية وملاعب أخرى ثانوية، بقدرة استيعاب تفوق 60 ألف مشجع.
أما "ملعب الريان" هو الآخر حمل لمسة فنية غير عادية حتى بات يطلق عليه سفير التراث والثقافة القطرية لأنه تزين بنقوش معمارية تحاكي الطبيعة القطرية.
في حين ملعب "الوكرة" الذي يتسع لـ40 ألف مشجع، استوحيت فكرة تصميمه من مراكب الصيد التقليدية واشرعتها التي اشتهرت بها المدينة منذ القدم .
وعلى غرار الملاعب المذكورة حمل ملعب "الثمامة" لمسة مغايرة مستوحاة من الثقافة العربية وغطاء الرأس الذي يرتديه رجال منطقة الخليج العربي، على أن تبلغ سعته 40 ألف مشاهد، بالإضافة إلى عدة ملاعب آخرى ستنال شرف استضافة الحدث المنتظر على رأسها ملعب المدينة التعليمية، وستاد خليفة الدولي الذي يعد القلب النابض للأحداث الرياضية التي تستضيفها قطر طيلة الفترة الماضية.
وبما أننا تطرقنا إلى الملاعب التي من المقرر أن تستضيف مباريات البطولة، يتوجب علينا الإشارة إلى سبل وصول الجماهير إليها، فحسب ما أشار إليه الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث المسؤولة عن استعدادات قطر للمونديال، فإن بلاده ستحرص على راحة الجماهير وتمنحهم ميزة كبيرة تتمثل أساسا في حضورهم لأكثر من مباراة واحدة وذلك لتقارب المسافات بين الملاعب، باعتبار أن أطول رحلة بين ملعبين لا تتجاوز الساعة، بينما أقصرها خمس دقائق، لذلك عمدت قطر في ايطار سيعها لترك بصمة في عالم التنظيم، ربط جميع الاستادات بشبكة طرق تساعد على التنقل بينهم بسهولة.
كما حرصت قطر على توفير التنقل عبر وسائل متاحة للجميع في مقدمتها المترو والسيارات والقطارات والدراجات النارية، بالإضافة إلى الطاكسي المائي، وذلك باستخدام أنظمة مواصلات متقدمة ستساعد على جعل البطولة الاكثر صداقة للبيئة في تاريخ تنظيم المسابقات الرياضية، كما تعهد به أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الأمم المتحدة العام الماضي عندما قال:
"أن مونديال 2022 سيكون أول بطولة صديقة للبيئة ومحايدة للكربون باستخدام الطاقة الشمسية في الملاعب واستخدام تكنولوجيا تبريد وإضاءة موفرة للطاقة والمياه".
وبهذا فإن جمهور الساحرة المستديرة أمام فرصة رائعة لخوض تجربة استثنائية في بطولة تعد بالكثير على كافة المقاييس.
0 تعليقات