ليس التسويق شيئا يختص به دارس علوم التجارة
وحده, و إنما تمس كل حياة كل إنسان، فكل منا عضو في المجتمع بحركة التسويق, فالشراء
و البيع و مشاهدة الإعلانات التجارية في التلفزيون ز في الصحف و ملصقات الشوارع هي
مثال ذلك, و كل منا يزور متاجر عديدة و يتعامل معها و يقارن أسعارها بأسعار غيرها,
و يتعامل مع بائعين مختلفين, و يشتري سلعا بعضها محلية و أخرى أجنبية, و ممارسة هذه
الأعمال يلعب الإنسان دوراً مهما في النظام التسويقي, و من ثم يعرف شيئاً عن هذا النظام.
و على الرغم من ممارسة الإنسان لبعض التصرفات
التسويقية و مشاركته في النظام التسويقي, فإنه قد لا يدرك ذلك, و قد لا يدرك معنى كلمة
التسويق و لا مكانه و أهميته في حياته, و لا كيفية إدارة الأنشطة التسويقية. لم تعد مشكلة عالم اليوم أن ينتج المصنع السلعة,
و لكن أصبحت المشكلة ” كيف يكون هذا المصنع قادراً على تسويقها”
فهو إن لم ينجح في تسويقها أقفل بالتأكيد أبوابه,
و كانت المشكلة فيما مضى إنتاجية, أما الآن
فإن البقاء في السوق يعتمد أساسا على دراسة احتياجات المستهلك و توفيرها له بالمواصفات
المطلوبة و في الزمان و المكان المناسبين و بالسعر الذي يقدر على تحمله.
أولا: نشأة و تطور مفهوم التسويق
المفهوم التقليدي للتسويق:
التسويق هو مجموعة الأنشطة البشرية التي تستهدف
تسهيل عمليات التبادل, لقد وضع “كوتلر Cotler” هذا المفهوم الذي مازال
الأكثر شيوعا, و يتضمن هذا المفهوم ما يلي:
- إن التسويق نشاط إنساني على خلاف أنشطة أخرى
كالإنتاج و الإستهلاك.
- إن التسويق يستهدف تسهيل عملية التبادل, سواء
جرى التبادل لصفقة واحدة, أو لإجراء عمليات تبادل مختلفة.
- إن التبادل ليس مقصورا فقط على السلع و إنما
يشتمل الخدمات أيضا, وقد تكون المبادرة في عملية التبادل من طرف المشتري عندما ينزل
للأسواق باحثا عن السلعة, كما قد تكون من طرف البائع الذي ينزل للأسواق باحثاً عن مشترين
لسلعتة؛ و على هذا فإن التبادل يتطلب:
- طرفين يرغب كل منهما في إجراء التبادل.
- كل من الطرفين يملك أشياء ذات قيمة من وجهة نظر
الطرف الآخر.
- كل من الطرفين قادر على إجراء الاتصال و تسليم
ما لديه.
مراحل تطور مفهوم التسويق:
يعتبر التسويق بمعناه الحالي حديث النشأة نسبيا,
إذ يؤكد كل من “روبرت كينغ و جيرون ميكارتي” أن الإدارة في المؤسسات الإقتصادية لم
يعرف مفهوم التسويق إلا في الخمسينات, حيث كان المفهوم السائد قبل ذلك هو مفهوم البيع,
و يرى “روبرت كينغ” أن مفهوم التسويق قد تطور عبر المراحل الثلاث التالية:
1- مرحلة التوجيه
بالإنتاج (1900-1930):
و فيها كانت مشكلة الإنتاج هو محور انشغال الإدارة
في المؤسسة, و لم يكن تعريف الإنتاج يواجه أي صعوبة لأن السوق لم تكن مشبعة, و لذا
كان التركيز في هذه المرحلة على الإشباع الكمي للحاجات, و أنّ قضايا النوعية أو الجودة
في الإنتاج كانت للمبادرة من مهندسي الإنتاج, و تميزت هذه المرحلة بعدما تدخل رجال
البيع في قضايا الإنتاج و اقتصار وظيفتهم على إقناع المستهلك بأن ما أنتج هو ما يشبع
حاجتك.
2- مرحلة التوجيه
للبيع (1930-1950):
حيث زاد الإنتاج بمعدلات كبيرة بفضل إدخال أساليب
الإدارة العلمية في المشروعات و اقتصادها تميز بالإنتاج الكبير, ومن ثم برزت الحاجة
لنظام توزيع قادر على تصريف هذا الإنتاج, و ازداد الإهتمام بوظيفة البيع, و لكن فلسفة
البيع لم تتغير فازداد إستخدام الإعلان, وظهرت بحوث التسويق لتزويد إدارة المؤسسة بالمعلومات
التسويقية اللازمة لترشيد قراراتها المتعلقة بالإنتاج و التخزين و التوزيع …إلخ.
3- مرحلة التوجيه
بالمفهوم التسويقي (من سنة 1950 إلـى اليوم):
و فيها تبنت الإدارة في المؤسسة الإنتاجية فلسفة
جديدة في الإنتاج مفهومها “الأسهل صنع ما يحب المستهلك أن يشتري من محاولة بيع ما يحب
المنتج أن يصنع”, و قد تميزت هذه المرحلة بالسرعة في ابتكار منتوجات جديدة لمسايرة
سرعة تغير أذواق المستهلكين, و ازدادت شدة المنافسة من أجل جذب المستهلكين و كسب رضاهم.
و قد ساعد على تطور هذا المفهوم عوامل كثيرة تكنولوجية, اقتصادية و اجتماعية.
المفهوم الحديث للتسويق:
العمل الإداري الخاص بالتخطيط الإستراتيجي لجهود
المشروع و توجيهها و الرقابة على استخدامها في برامج تستهدف الربح للمنظمة, و إشباع
حاجات المستهلكين, ذلك العمل الذي يتضمن توحيد كل أنشطة المنظمة (بما فيها الإنتاج
و التمويل و البيع) في نظام عمل موحد.
يقوم هذا المفهوم على ثمانية عناصر هي:
- تقدير و تفهم المركز الإستراتيجي لدور المستهلك في ارتباطه ببقاء الشركة و نموها و استقرارها.
- إدراك الإدارة الواعي لتأثير القرارات المتخذة في قسم معين على الأقسام الأخرى و على التوازن الإجمالي لنظام الشركة مع النظم المحيطة.
- إهتمام الإدارة بابتكار المنتجات التي يتم تصميمها في ضوء دور محدد هو الإسهام في حل مشكلات شرائية معينة لدى المستهلكين.
- إهتمام الإدارة بآثار تقديم المنتجات الجديدة على المركز الربحي للشركة في الحاضر و المستقبل, و إدراكها للنتائج الإيجابية التي ستترتب على التخطيط العلمي للمنتجات الجديدة, من جهة نمو الأرباح و ضمان استقرارها.
- تقدير عام لدور بحوث التسويق, ووحدات البحث عن الحقائق الأخرى خارج النطاق التقليدي لتلك البحوث.
- عمل كافة إدارات المنظمة من خلال شبكة أهداف, بمعنى وجود جهد دائم في كل قطاعات الشركة موجهة نحو وضع أهداف محددة على مستوى الشركة, و الأقسام تكون مفهومة و مقبولة من قبل المديرين على مختلف المستويات.
- التخطيط الرسمي طويل و قصير الأجل لأهداف المشروع و استراتيجياته و خطط ما ينتج عنه جهد محدد منسق في القطاعات الوظيفية للشركة.
- خلق أو التوسع في إلغاء و إعادة تنظيم أقسام الشركة إذ استلزم الأمر ذلك في ضوء تعبئة و استخدام و الرقابة على الجهاز الكلي للشركة نحو حل مشكلات استهلاكية مختارة.و يتطلب تقييم المفهوم الحديث للتسويق توافر عدة متطلبات أساسية هي:
أ- أن يكون التسويق هو الموجه الأساسي لفلسفة
المشروع.
ب- أن يصمم الهيكل التنظيمي للمنشأة بما يتفق
و هذا المفهوم.
ج- التخطيط المنظم.
د- تخطيط و تطوير المنتجات.
هـ- القيام ببحوث التسويق.
و- تأكيد أهمية الإعلان و الترويج.
ن-التسعير
ح- منافذ التوزيع.
ط- التصرف على أساس أن المستهلك هو السيد.
كما يمكن إعطاء تعاريف أخرى نذكر منها هذا التعريف
للتسويق:
إنّ أكثر التعاريف قبولا هو ذلك الذي قدمته جمعية
التسويق الأمريكية و الذي ينص:” التسويق هو تنفيذ أنشطة المشروع المختلفة التي تهدف
إلى توجيه تدفق السلع والخدمات من المنتج إلى المستهلك أو المستخدم.”و يعرف الإقتصادي Bartels التسويق على انه عملية
اقتصادية, اجتماعية و ثقافية هدفها تلبية حاجات المستهلكين لمنتجات و خدمات مقبولة
و بأسعار مقبولة.و قد كانت شركة جنرال الكتريك الأمريكية أول
من دعت للأخذ بمفهوم التسويق بمعناه الحديث عام 1956, و منذ ذلك الوقت طبقت شركات كبيرة
هذا المفهوم عوض مفهوم البيع الذي كان سائدا لديها.
طالع ايضا تعرف على أفضل 10 فوائد للتسوق عبر الإنترنت
طالع ايضا تعرف على أفضل 10 فوائد للتسوق عبر الإنترنت
0 تعليقات